في الوقت الحاضر، أصبح مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) السبب الرئيسي لأمراض الكبد المزمنة في الصين، بل والعالم. يشمل نطاق المرض التهاب الكبد الدهني البسيط، والتهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH)، وما يرتبط به من تليف وسرطان الكبد. يتميز التهاب الكبد الدهني غير الكحولي بتراكم الدهون الزائدة في خلايا الكبد، وإحداث تلف خلوي والتهاب، سواءً كان مصحوبًا بتليف كبدي أم لا. ترتبط شدة تليف الكبد لدى مرضى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي ارتباطًا وثيقًا بسوء تشخيص الكبد (تليف الكبد ومضاعفاته وسرطان الخلايا الكبدية)، والأحداث القلبية الوعائية، والأورام الخبيثة خارج الكبد، والوفاة. يمكن أن يؤثر التهاب الكبد الدهني غير الكحولي سلبًا على جودة حياة المرضى؛ ومع ذلك، لم تتم الموافقة على أي أدوية أو علاجات لعلاجه.
أظهرت دراسة حديثة (ENLIVEN) نشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية (NEJM) أن البيجوزافيرمين يحسن كل من تليف الكبد والتهاب الكبد في مرضى التهاب الكبد الدهني غير التليفي الذين تم تأكيد إصابتهم عن طريق الخزعة.
أُجريت الدراسة السريرية متعددة المراكز، العشوائية، مزدوجة التعمية، المُضبطة بدواء وهمي، من المرحلة 2ب، بواسطة البروفيسور روهيت لومبا وفريقه السريري في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، سان دييغو. شملت الدراسة 222 مريضًا مُصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH) في المرحلة F2-3، والتي تم تأكيدها من خلال خزعة، وذلك في الفترة من 28 سبتمبر 2021 إلى 15 أغسطس 2022. وُزِّعوا عشوائيًا على بيغوزافيرمين (حقنة تحت الجلد، 15 ملغ أو 30 ملغ مرة واحدة أسبوعيًا، أو 44 ملغ مرة واحدة كل أسبوعين) أو دواء وهمي (مرة واحدة أسبوعيًا أو مرة واحدة كل أسبوعين). وشملت النتائج الأولية تحسنًا في التليف الكبدي ≥ المرحلة الأولى، وعدم وجود أي تطور في التهاب الكبد الدهني غير الكحولي. وقد شُفي التهاب الكبد الدهني غير الكحولي دون أي تطور في التليف. كما أجرت الدراسة تقييمًا للسلامة.
بعد ٢٤ أسبوعًا من العلاج، كانت نسبة المرضى الذين تحسنت حالتهم التليفية إلى ما يقارب المرحلة الأولى أو أكثر دون تفاقم التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، ونسبة المرضى الذين تراجعت حالتهم التليفية دون تفاقم، أعلى بشكل ملحوظ في مجموعات جرعات بيغوزافيرمين الثلاث مقارنةً بمجموعة الدواء الوهمي، مع وجود فروق جوهرية أكبر لدى المرضى الذين عولجوا بجرعة ٤٤ ملغ مرة كل أسبوعين أو ٣٠ ملغ مرة كل أسبوع. من حيث السلامة، كان بيغوزافيرمين مشابهًا للعلاج الوهمي. كانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعًا المرتبطة بعلاج بيغوزافيرمين هي الغثيان والإسهال واحمرار الجلد في موضع الحقن. في هذه التجربة من المرحلة ٢ب، تشير النتائج الأولية إلى أن العلاج ببيغوزافيرمين يُحسّن من تليف الكبد.
بيغوزافيرمين، المستخدم في هذه الدراسة، هو نظير مُغلَّف طويل المفعول لعامل نمو الخلايا الليفية البشرية 21 (FGF21). FGF21 هو هرمون أيضي داخلي المنشأ يفرزه الكبد، ويلعب دورًا في تنظيم أيض الدهون والجلوكوز. أظهرت دراسات سابقة أن له تأثيرات علاجية على مرضى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH) من خلال زيادة حساسية الكبد للأنسولين، وتحفيز أكسدة الأحماض الدهنية، وتثبيط تكوين الدهون. إلا أن قصر عمر النصف لـ FGF21 الطبيعي (حوالي ساعتين) يحد من استخدامه في العلاج السريري لالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي. يستخدم بيغوزافيرمين تقنية البولي إيثيلين جليكوزيل لإطالة عمر النصف لـ FGF21 الطبيعي وتحسين نشاطه البيولوجي.
بالإضافة إلى النتائج الإيجابية في هذه التجربة السريرية من المرحلة 2ب، أظهرت دراسة حديثة أخرى نُشرت في مجلة Nature Medicine (ENTRIGUE) أن البيجوزافيرمين يقلل أيضًا بشكل كبير من الدهون الثلاثية، والكوليسترول غير HDL، والبروتين الدهني B، وتليف الكبد لدى المرضى الذين يعانون من فرط ثلاثي جليسريد الدم الشديد، مما قد يكون له تأثير إيجابي على تقليل خطر الإصابة بالأحداث القلبية الوعائية لدى المرضى المصابين بالتهاب الكبد الدهني غير الكحولي.
تشير هذه الدراسات إلى أن بيغوزافيرمين، باعتباره هرمونًا أيضيًا داخلي المنشأ، يمكن أن يوفر فوائد أيضية متعددة لمرضى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH)، خاصةً وأن تسمية NASH قد تُعاد تسميتها لاحقًا بمرض الكبد الدهني المرتبط بالأيض. هذه النتائج تجعله دواءً محتملًا مهمًا للغاية لعلاج التهاب الكبد الدهني غير الكحولي. في الوقت نفسه، ستدعم هذه النتائج الإيجابية للدراسة دخول بيغوزافيرمين في التجارب السريرية للمرحلة الثالثة.
على الرغم من أن كلاً من علاج بيغوزافيرمين بجرعة 44 ملغ كل أسبوعين أو 30 ملغ أسبوعياً قد حقق الهدف النسيجي الأساسي للتجربة، إلا أن مدة العلاج في هذه الدراسة لم تتجاوز 24 أسبوعاً، وبلغ معدل الالتزام في مجموعة الدواء الوهمي 7% فقط، وهو أقل بكثير من نتائج الدراسات السريرية السابقة التي استمرت 48 أسبوعاً. هل تتطابق الاختلافات ومستوى الأمان؟ نظراً لتباين التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH)، هناك حاجة إلى تجارب سريرية دولية أكبر حجماً ومتعددة المراكز في المستقبل لتشمل أعداداً أكبر من المرضى، ولتمديد مدة العلاج لتقييم فعالية الدواء وسلامته بشكل أفضل.
وقت النشر: ١٦ سبتمبر ٢٠٢٣





