لافتة الصفحة

أخبار

الهزال مرض جهازي يتميز بفقدان الوزن، وضمور العضلات والأنسجة الدهنية، والتهاب جهازي. يُعد الهزال أحد المضاعفات الرئيسية وأسباب الوفاة لدى مرضى السرطان. بالإضافة إلى السرطان، يمكن أن ينتج الهزال عن مجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة غير الخبيثة، بما في ذلك قصور القلب، والفشل الكلوي، ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والأمراض العصبية، والإيدز، والتهاب المفاصل الروماتويدي. تشير التقديرات إلى أن نسبة الإصابة بالهزال لدى مرضى السرطان تتراوح بين 25% و70%، مما يؤثر بشكل خطير على جودة حياة المرضى ويفاقم السمية المرتبطة بالعلاج.

 

يُعدّ التدخل الفعال لعلاج الهزال ذا أهمية بالغة لتحسين نوعية حياة مرضى السرطان وتوقعاتهم المرضية. ومع ذلك، ورغم بعض التقدم في دراسة الآليات الفيزيولوجية المرضية للهزال، فإن العديد من الأدوية المُطوّرة بناءً على الآليات المحتملة إما أن تكون فعّالة جزئيًا أو غير فعّالة. ولا يوجد حاليًا علاج فعّال معتمد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

 

هناك أسباب عديدة لفشل التجارب السريرية على الهزال، ولعل السبب الرئيسي يكمن في عدم فهم آلية الهزال ومساره الطبيعي فهمًا شاملًا. مؤخرًا، نشر البروفيسور شياو رويبينغ والباحث هو شينلي من كلية تكنولوجيا المستقبل بجامعة بكين مقالًا مشتركًا في مجلة Nature Metabolism، يكشفان فيه عن الدور المهم لمسار اللاكتيك-GPR81 في حدوث الهزال السرطاني، مقدمين بذلك فكرة جديدة لعلاج الهزال. نلخص هذا البحث بتجميع أوراق بحثية من مجلات Nat Metab وScience وNat Rev Clin Oncol وغيرها.

عادةً ما يُعزى فقدان الوزن إلى انخفاض تناول الطعام و/أو زيادة استهلاك الطاقة. وقد أشارت دراسات سابقة إلى أن هذه التغيرات الفسيولوجية في الهزال المرتبط بالورم تُحفّزها بعض السيتوكينات التي تفرزها البيئة المحيطة بالورم. على سبيل المثال، يمكن لعوامل مثل عامل تمايز النمو 15 (GDF15)، وليبوكالين-2، والبروتين الشبيه بالأنسولين 3 (INSL3) أن تُثبّط تناول الطعام من خلال الارتباط بمواقع تنظيم الشهية في الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى فقدان الشهية لدى المرضى. تُحفّز عوامل مثل IL-6، وPTHrP، وactivin A، وعوامل أخرى، فقدان الوزن وضمور الأنسجة من خلال تنشيط المسار الهدمي وزيادة استهلاك الطاقة. في الوقت الحالي، ركّزت الأبحاث المتعلقة بآلية الهزال بشكل رئيسي على هذه البروتينات المُفرزة، ولم تتناول سوى دراسات قليلة العلاقة بين مستقلبات الورم والهزال. وقد اتّبع البروفيسور شياو رويبينغ والباحث هو شينلي نهجًا جديدًا للكشف عن الآلية المهمة للهزال المرتبط بالورم من منظور مستقلبات الورم.

الصورة_20240428160536

أولاً، فحص فريق البروفيسور شياو رويبينغ آلاف المستقلبات في دم فئران سليمة وفئران نموذجية لمرض الهزال الناتج عن سرطان الرئة، ووجدوا أن حمض اللاكتيك كان أعلى مستقلب ارتفاعًا في الفئران المصابة بالهزال. ارتفع مستوى حمض اللاكتيك في المصل مع نمو الورم، وأظهر ارتباطًا وثيقًا بتغير وزن الفئران الحاملة للورم. تؤكد عينات المصل المأخوذة من مرضى سرطان الرئة أن حمض اللاكتيك يلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في تطور مرض الهزال لدى البشر.

 

لتحديد ما إذا كانت المستويات العالية من حمض اللاكتيك تُسبب الهزال، قام فريق البحث بحقن حمض اللاكتيك في دم فئران سليمة عبر مضخة تناضحية مزروعة تحت الجلد، مما رفع مستويات حمض اللاكتيك في المصل بشكل مصطنع إلى مستوى الفئران المصابة بالهزال. بعد أسبوعين، ظهرت لدى الفئران أعراضٌ نموذجية للهزال، مثل فقدان الوزن وضمور الأنسجة الدهنية والعضلية. تشير هذه النتائج إلى أن إعادة تشكيل الدهون المُحفَّزة باللاكتات تُشبه تلك التي تُحفِّزها الخلايا السرطانية. اللاكتات ليس مُستقلِبًا مُميزًا للهزال السرطاني فحسب، بل هو أيضًا وسيط رئيسي للنمط الظاهري المُفرط الهدمي المُحفَّز بالسرطان.

 

بعد ذلك، وجد الباحثون أن حذف مستقبل اللاكتات GPR81 كان فعالاً في تخفيف أعراض الهزال الناجم عن الورم واللاكتات في المصل دون التأثير على مستويات اللاكتات في المصل. ونظرًا لارتفاع مستوى التعبير الجيني لـ GPR81 في الأنسجة الدهنية، وتغيراته المبكرة مقارنةً بالعضلات الهيكلية أثناء تطور الهزال، فإن تأثير الحذف النوعي لـ GPR81 في الأنسجة الدهنية لدى الفئران يُشبه تأثير الحذف الجهازي، مما يُحسّن فقدان الوزن الناتج عن الورم واستهلاك الدهون والعضلات الهيكلية. وهذا يُشير إلى أن وجود GPR81 في الأنسجة الدهنية ضروري لتطور الهزال السرطاني الناتج عن حمض اللاكتيك.

 

وأكدت دراسات أخرى أنه بعد الارتباط بـ GPR81، تعمل جزيئات حمض اللاكتيك على تحفيز عملية براوننج الدهنية، وتحليل الدهون، وزيادة إنتاج الحرارة الجهازية من خلال مسار إشارات Gβγ-RhoA/ROCK1-p38، وليس مسار PKA الكلاسيكي.

على الرغم من النتائج الواعدة في مجال مسببات الهزال المرتبط بالسرطان، إلا أن هذه النتائج لم تُترجم بعد إلى علاجات فعالة، لذا لا توجد حاليًا معايير علاجية لهؤلاء المرضى، إلا أن بعض الجمعيات، مثل الجمعية الأوروبية للطب الرياضي (ESMO) والجمعية الأوروبية للتغذية السريرية والتمثيل الغذائي، قد وضعت إرشادات سريرية. حاليًا، توصي الإرشادات الدولية بشدة بتعزيز عملية التمثيل الغذائي وتقليل الهدم من خلال مناهج مثل التغذية وممارسة الرياضة والأدوية.


وقت النشر: ٢٨ أبريل ٢٠٢٤